لِنُوَاصِلِ ٱلسَّيْرَ ‹كَنُزَلَاءَ›
«أَحُثُّكُمْ كَمُتَغَرِّبِينَ وَنُزَلَاءَ أَنْ تُوَاصِلُوا ٱلِٱمْتِنَاعَ عَنِ ٱلشَّهَوَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ». — ١ بط ٢:١١.
١، ٢ إِلَى مَنْ كَانَ بُطْرُسُ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ «ٱلْمُخْتَارِينَ»، وَلِمَاذَا دَعَاهُمْ «نُزَلَاءَ»؟
بَعْدَ نَحْوِ ٣٠ سَنَةً مِنْ صُعُودِ يَسُوعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ رِسَالَةً «إِلَى ٱلنُّزَلَاءِ ٱلْمُشَتَّتِينَ فِي بُنْطُسَ وَغَلَاطِيَةَ وَكَبَّدُوكِيَةَ وَآسِيَا وَبِيثِينِيَةَ، إِلَى ٱلْمُخْتَارِينَ». (١ بط ١:١) وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ أَشَارَ بِكَلِمَةِ «ٱلْمُخْتَارِينَ» إِلَى ٱلَّذِينَ مُسِحُوا مِثْلَهُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَوُلِدُوا «وِلَادَةً جَدِيدَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ» لِيَحْكُمُوا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلسَّموَاتِ. (اِقْرَأْ ١ بطرس ١:٣، ٤.) وَلكِنْ لِمَاذَا دَعَاهُمْ بَعْدَ ذلِكَ «مُتَغَرِّبِينَ وَنُزَلَاءَ»؟ (١ بط ٢:١١) وَلِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نَهْتَمَّ نَحْنُ جَمِيعًا بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ مَا دَامَ عَدَدٌ صَغِيرٌ فَقَطْ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنَ ٱلْمَمْسُوحِينَ؟
٢ بِمَا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ — مَثَلُهُمْ مَثَلُ ٱلْبَقِيَّةِ ٱلْمَمْسُوحَةِ ٱلْيَوْمَ — لَمْ يَكُونُوا لِيَسْتَمِرُّوا فِي ٱلْعَيْشِ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَى ٱلْأَبَدِ، كَانَ مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يُدْعَوْا «نُزَلَاءَ». فَهذِهِ ٱلْكَلِمَةُ تُشِيرُ عُمُومًا إِلَى ٱلَّذِينَ يَنْزِلُونَ فِي مَكَانٍ مَا بِشَكْلٍ مُؤَقَّتٍ. يُوضِحُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ، ٱلَّذِي هُوَ نَفْسُهُ مِنَ «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ»، أَوِ ٱلْمَمْسُوحِينَ: «أَمَّا نَحْنُ فَمُوَاطِنِيَّتُنَا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ، ٱلَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ بِفَارِغِ ٱلصَّبْرِ مُخَلِّصًا، هُوَ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ». (لو ١٢:٣٢؛ في ٣:٢٠) فَنَظَرًا إِلَى أَنَّ ‹مُوَاطِنِيَّتَهُمْ هِيَ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ›، فَهُمْ سَيَتْرُكُونَ ٱلْأَرْضَ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لِيَنَالُوا شَيْئًا أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ، حَيَاةً خَالِدَةً فِي ٱلسَّموَاتِ. (اِقْرَأْ فيلبي ١:٢١-٢٣.) لِذلِكَ يُمْكِنُ ٱعْتِبَارُهُمْ حَرْفِيًّا «نُزَلَاءَ» عَلَى هذِهِ ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي يَحْكُمُهَا ٱلشَّيْطَانُ.
٣ أَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ بِشَأْنِ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›؟
يو ١٠:١٦) إِنَّ هؤُلَاءِ لَدَيْهِمْ رَجَاءٌ مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بِأَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ مُقِيمِينَ دَائِمِينَ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَمَعَ ذلِكَ، يُمْكِنُ ٱعْتِبَارُهُمْ هُمْ أَيْضًا نُزَلَاءَ. لِمَاذَا؟
٣ وَلكِنْ مَاذَا عَنِ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›؟ («اَلْخَلِيقَةُ كُلُّهَا تَئِنُّ»
٤ مَا ٱلَّذِي يَعْجَزُ ٱلسِّيَاسِيُّونَ وَٱلْعُلَمَاءُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ٱلْحُؤُولِ دُونَ حُدُوثِهِ؟
٤ مَا دَامَ يَهْوَهُ يَسْمَحُ بِوُجُودِ هذَا ٱلنِّظَامِ ٱلشِّرِّيرِ، فَسَيُعَانِي ٱلْبَشَرُ أَجْمَعُونَ — بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ — عَوَاقِبَ تَمَرُّدِ ٱلشَّيْطَانِ عَلَى يَهْوَهَ. تَقُولُ رُومَا ٨:٢٢: «إِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ ٱلْخَلِيقَةَ كُلَّهَا تَئِنُّ وَتَتَوَجَّعُ مَعًا إِلَى ٱلْآنَ». وَٱلسِّيَاسِيُّونَ، ٱلْعُلَمَاءُ، وَٱلَّذِينَ يَقُومُونَ بِٱلْأَعْمَالِ ٱلْخَيْرِيَّةِ عَاجِزُونَ عَنِ ٱلْحُؤُولِ دُونَ حُدُوثِ هذَا ٱلْأَمْرِ مَهْمَا كَانَتْ نَوَايَاهُمْ مُخْلِصَةً.
٥ أَيَّةُ خُطْوَةٍ يَتَّخِذُهَا ٱلْمَلَايِينُ مُنْذُ عَامِ ١٩١٤، وَلِمَاذَا؟
٥ وَمُنْذُ عَامِ ١٩١٤، يَخْتَارُ مَلَايِينُ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْإِذْعَانَ طَوْعًا لِمَلِكِ ٱللهِ ٱلْمُتَوَّجِ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. فَهُمْ لَا يَوَدُّونَ إِطْلَاقًا أَنْ يَكُونُوا جُزْءًا مِنْ نِظَامِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلْعَالَمِيِّ. وَعِوَضَ أَنْ يُؤَيِّدُوهُ، يَسْتَخْدِمُونَ حَيَاتَهُمْ وَمُقْتَنَيَاتِهِمْ لِيَدْعَمُوا مَلَكُوتَ ٱللهِ. — رو ١٤:٧، ٨.
٦ بِأَيِّ مَعْنًى يَكُونُ شُهُودُ يَهْوَهَ مُتَغَرِّبِينَ؟
٦ إِنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ هُمْ مُوَاطِنُونَ صَالِحُونَ يَعِيشُونَ فِي أَكْثَرَ مِنْ ٢٠٠ بَلَدٍ. لكِنَّهُمْ، حَيْثُمَا كَانُوا، يَحْيَوْنَ كَمُتَغَرِّبِينَ وَنُزَلَاءَ. فَهُمْ يُحَافِظُونَ عَلَى مَوْقِفِ ٱلْحِيَادِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلشُّؤُونِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلِٱجْتِمَاعِيَّةِ. حَتَّى إِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ مُنْذُ ٱلْآنَ مُوَاطِنِينَ لِلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي وَعَدَ بِهِ ٱللهُ. وَهُمْ فَرِحُونَ لِأَنَّ ٱلْأَيَّامَ ٱلَّتِي يَقْضُونَهَا كَنُزَلَاءَ فِي هذَا ٱلنِّظَامِ ٱلنَّاقِصِ تُوَلِّي بِسُرْعَةٍ.
٧ مَتَى سَيَكُونُ خُدَّامُ ٱللهِ مُقِيمِينَ دَائِمِينَ، وَأَيْنَ؟
رؤيا ٢١:١-٥.) وَسَتَعْمَلُ حُكُومَتُهُ ٱلْكَامِلَةُ أَيْضًا عَلَى مَحْوِ ٱلْخَطِيَّةِ وَمَا يَتَأَتَّى عَنْهَا مِنْ آلَامٍ. وَهكَذَا، سَتُحَرَّرُ ٱلْخَلِيقَةُ كَامِلًا مِنْ كُلِّ مَا يُسَبِّبُ لَهَا ٱلْعَذَابَ، «وَتَنَالُ ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْمَجِيدَةَ لِأَوْلَادِ ٱللهِ». — رو ٨:٢١.
٧ قَرِيبًا، سَيُدَمِّرُ ٱلْمَسِيحُ نِظَامَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلشِّرِّيرَ. فَسَيُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَتَمَرَّدُ عَلَى سُلْطَانِ يَهْوَهَ. وَسَيُتِيحُ لِخُدَّامِ ٱللهِ ٱلْأُمَنَاءِ أَنْ يُقِيمُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلْفِرْدَوْسِيَّةِ بِشَكْلٍ دَائِمٍ. (اِقْرَأْمَا ٱلْمَطْلُوبُ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ؟
٨، ٩ أَوْضِحُوا مَا عَنَاهُ بُطْرُسُ بِعِبَارَةِ «ٱلِٱمْتِنَاعِ عَنِ ٱلشَّهَوَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ».
٨ أَوْضَحَ بُطْرُسُ مَا ٱلْمَطْلُوبُ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ حِينَ تَابَعَ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، أَحُثُّكُمْ كَمُتَغَرِّبِينَ وَنُزَلَاءَ أَنْ تُوَاصِلُوا ٱلِٱمْتِنَاعَ عَنِ ٱلشَّهَوَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ ٱلَّتِي تُصَارِعُ ٱلنَّفْسَ». (١ بط ٢:١١) وَقَدْ وَجَّهَ مَشُورَتَهُ هذِهِ أَسَاسًا إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ، لكِنَّهَا تَنْطَبِقُ أَيْضًا عَلَى خِرَافِ يَسُوعَ ٱلْأُخَرِ.
٩ إِنَّ بَعْضَ ٱلشَّهَوَاتِ، أَوِ ٱلرَّغَبَاتِ، لَيْسَتْ خَاطِئَةً بِحَدِّ ذَاتِهَا إِذَا أُشْبِعَتْ بِٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي يُرِيدُهَا ٱلْخَالِقُ، بَلْ تُضْفِي مُتْعَةً عَلَى ٱلْحَيَاةِ. مَثَلًا، إِنَّهَا لَحَاجَةٌ طَبِيعِيَّةٌ عِنْدَ ٱلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِٱلطَّعَامِ وَٱلشَّرَابِ، أَوْ يَقُومَ بِٱلنَّشَاطَاتِ ٱلتَّرْفِيهِيَّةِ، أَوْ يَفْرَحَ بِٱلْمَعْشَرِ ٱلْبَنَّاءِ. حَتَّى إِنَّ وُجُودَ ٱلرَّغْبَةِ ٱلْجِنْسِيَّةِ بَيْنَ رَفِيقَيِ ٱلزَّوَاجِ هُوَ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ. (١ كو ٧:٣-٥) لكِنَّ بُطْرُسَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ «ٱلشَّهَوَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ ٱلَّتِي تُصَارِعُ ٱلنَّفْسَ»، قَصَدَ ٱلرَّغَبَاتِ ٱلَّتِي تَتَعَارَضُ مَعَ ٱلْمَقَايِيسِ ٱلْإِلهِيَّةِ وَتُقَوِّضُ عَلَاقَتَنَا بِيَهْوَهَ. وَإِذَا لَمْ نَتَجَنَّبْ إِشْبَاعَ شَهَوَاتِنَا ٱلْخَاطِئَةِ، فَسَيَكُونُ مَصِيرُنَا ٱلْمَوْتَ.
١٠ بِأَيَّةِ وَسَائِلَ يُحَاوِلُ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يَجْعَلَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ جُزْءًا مِنْ عَالَمِهِ؟
١٠ يُحَاوِلُ ٱلشَّيْطَانُ إِضْعَافَ تَصْمِيمِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى مَوْقِفِهِمْ ‹كَنُزَلَاءَ›. لِذَا، عَلَيْنَا أَنْ نَعِيَ أَنَّهُ يَنْصِبُ لَنَا أَشْرَاكًا تَرُوقُ جَسَدَنَا ٱلنَّاقِصَ كَٱلْمَادِّيَّةِ، ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ، ٱلشُّهْرَةِ وَٱلْمَجْدِ، ٱلْأَنَانِيَّةِ، وَرُوحِ ٱلْقَوْمِيَّةِ. وَحِينَ نَتَجَنَّبُ بِكُلِّ عَزْمٍ هذِهِ ٱلشَّهَوَاتِ، نُثْبِتُ بِوُضُوحٍ أَنَّنَا نَرْفُضُ أَنْ نَكُونَ جُزْءًا مِنْ عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلشِّرِّيرِ وَأَنَّنَا نَعِيشُ فِيهِ كَنُزَلَاءَ. فَمَا نَتُوقُ وَنَسْعَى إِلَيْهِ حَقًّا هُوَ ٱلْإِقَامَةُ ٱلدَّائِمَةُ فِي عَالَمِ ٱللهِ ٱلْجَدِيدِ ٱلْبَارِّ.
اَلسُّلُوكُ ٱلْحَسَنُ
١١، ١٢ كَيْفَ يُنْظَرُ إِلَى ٱلْغُرَبَاءِ أَحْيَانًا، وَمَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ عَنْ شُهُودِ يَهْوَهَ؟
١١ يُكْمِلُ بُطْرُسُ حَدِيثَهُ عَمَّا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنَ ‹ٱلنُّزَلَاءِ› ٱلْمَسِيحِيِّينَ، قَائِلًا فِي ٱلْعَدَدِ ١٢: «حَافِظُوا عَلَى سُلُوكِكُمُ ٱلْحَسَنِ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ، لِيَكُونُوا فِي مَا يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي سُوءٍ، يُمَجِّدُونَ ٱللهَ فِي يَوْمِ تَفَقُّدِهِ نَتِيجَةَ أَعْمَالِكُمُ ٱلْحَسَنَةِ ٱلَّتِي هُمْ شُهُودُ عِيَانٍ لَهَا». فَٱلْغُرَبَاءُ ٱلسَّاكِنُونَ فِي بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِمْ، يَتَعَرَّضُونَ أَحْيَانًا لِلِٱنْتِقَادَاتِ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَدْ يُصَنَّفُونَ فِي خَانَةِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْأَرْدِيَاءِ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ عَنْ سُكَّانِ ٱلْبَلَدِ. وَلكِنْ مَعَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ عَنِ ٱلْآخَرِينَ بِسَبَبِ لَهْجَتِهِمْ أَوْ تَصَرُّفَاتِهِمْ أَوْ لِبَاسِهِمْ أَوْ حَتَّى شَكْلِهِمِ ٱلْخَارِجِيِّ، فَهُمْ يَدْحَضُونَ ٱلتَّعْلِيقَاتِ ٱلسَّلْبِيَّةَ إِذَا كَانَ سُلُوكُهُمْ حَسَنًا.
١٢ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يَخْتَلِفُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ عَنِ ٱلْآخَرِينَ فِي مَجَالَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، مِثْلِ ٱلْأَحَادِيثِ وَٱلتَّسْلِيَةِ. وَغَالِبًا مَا يَعْرِفُهُمُ ٱلنَّاسُ مِنْ هِنْدَامِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ. وَبِسَبَبِ هذِهِ ٱلِٱخْتِلَافَاتِ، يَتَكَلَّمُ عَنْهُمُ ٱلْبَعْضُ بِٱلسُّوءِ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ ٱلْآخَرَ يَمْدَحُهُمْ عَلَى سُلُوكِهِمِ ٱلْحَسَنِ.
١٣، ١٤ كَيْفَ ‹تَتَبَرَّرُ ٱلْحِكْمَةُ بِأَعْمَالِهَا›؟ أَوْضِحُوا.
١٣ نَعَمْ، إِنَّ ٱلسُّلُوكَ ٱلْحَسَنَ يَنْفِي ٱلِٱنْتِقَادَاتِ ٱلْعَارِيَةَ عَنِ ٱلصِّحَّةِ. مَثَلًا، وُجِّهَتْ إِلَى يَسُوعَ تُهَمٌ بَاطِلَةٌ رَغْمَ أَنَّهُ كَانَ ٱلرَّجُلَ ٱلْوَحِيدَ ٱلَّذِي حَافَظَ عَلَى أَمَانَتِهِ لِلهِ كَامِلًا. فَقَدْ دَعَاهُ ٱلْبَعْضُ ‹إِنْسَانًا شَرِهًا وَشِرِّيبَ خَمْرٍ، صَدِيقًا لِجُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْخُطَاةِ›. لكِنَّ سُلُوكَهُ ٱلْحَسَنَ دَحَضَ ٱلِٱدِّعَاءَاتِ ٱلْبَاطِلَةَ. فَحَسْبَمَا قَالَ: «اَلْحِكْمَةُ تَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِهَا». (مت ١١:١٩) وَيَصِحُّ هذَا ٱلْأَمْرُ فِينَا ٱلْيَوْمَ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَعْتَبِرُ بَعْضُ ٱلسَّاكِنِينَ فِي جِوَارِ بَيْتَ إِيلَ فِي زِلْتِرْس بِأَلْمَانِيَا أَنَّ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ فِيهِ هُمْ أَشْخَاصٌ غَرِيبُو ٱلْأَطْوَارِ. لكِنَّ أَحَدَ ٱلْمَسْؤُولِينَ فِي ٱلْمِنْطَقَةِ تَحَدَّثَ لِصَالِحِهِمْ قَائِلًا: «إِنَّ ٱلشُّهُودَ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ هُنَاكَ لَهُمْ نَمَطُ حَيَاةٍ خَاصٌّ بِهِمْ، لكِنَّهُ لَا يُزْعِجُ أَبَدًا ٱلْآخَرِينَ فِي مُجْتَمَعِهِمْ».
١٤ أَيْضًا، أُلْصِقَتْ بِشُهُودِ يَهْوَهَ فِي مُوسْكُو بِرُوسِيَا تُهَمٌ كَاذِبَةٌ. وَلكِنْ فِي حَزِيرَانَ (يُونْيُو) ٢٠١٠، حَكَمَتِ ٱلْمَحْكَمَةُ ٱلْأُورُوبِّيَّةُ لِحُقُوقِ ٱلْإِنْسَانِ فِي مَدِينَةِ سْتْرَاسْبُورْغَ ٱلْفَرَنْسِيَّةِ «أَنَّهُ مَا مِنْ مُبَرِّرٍ كَيْ تَحْرِمَ [مُوسْكُو] مُقَدِّمِي ٱلشَّكْوَى حَقَّهُمْ فِي حُرِّيَّةِ ٱلْعِبَادَةِ وَٱلِٱجْتِمَاعِ. فَٱلْمَحَاكِمُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ لَمْ تُقَدِّمْ أَسْبَابًا ‹كَافِيَةً ذَاتَ صِلَةٍ بِٱلْقَضِيَّةِ› تُثْبِتُ أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلَّتِي قَدَّمَتِ ٱلشَّكْوَى» مُذْنِبَةٌ مَثَلًا بِتَفْكِيكِ ٱلْعَائِلَاتِ، ٱلتَّشْجِيعِ عَلَى ٱلِٱنْتِحَارِ، أَوْ رَفْضِ ٱلْعِنَايَةِ ٱلطِّبِّيَّةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ، فَإِنَّ «ٱلْقَرَارَ ٱلصَّادِرَ عَنِ ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ مُجْحِفٌ نَظَرًا إِلَى أَنَّ قَوَانِينَ ٱلْبَلَدِ تَفْتَقِرُ إِلَى ٱلْمُرُونَةِ».
اَلْخُضُوعُ ٱللَّائِقُ لِلسُّلُطَاتِ
١٥ أَيُّ مَبْدَإٍ يَتْبَعُهُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ؟
١٥ فِي ٱلْعَالَمِ بِأَسْرِهِ، يُطَبِّقُ شُهُودُ يَهْوَهَ أَيْضًا وَصِيَّةً وَجَّهَهَا ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ. فَقَدْ كَتَبَ: «اِخْضَعُوا لِكُلِّ خَلِيقَةٍ بَشَرِيَّةٍ مِنْ أَجْلِ ٱلرَّبِّ: إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ بِٱعْتِبَارِهِ فَائِقًا أَوْ لِلْحُكَّامِ». (١ بط ٢:١٣، ١٤) صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ لَيْسُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْعَالَمِ، إِلَّا أَنَّهُمْ يُطِيعُونَ ٱلسُّلُطَاتِ ‹ٱلْمَوْضُوعَةَ فِي مَرَاكِزِهَا ٱلنِّسْبِيَّةِ›، حَسْبَمَا أَوْصَى بُولُسُ. — اِقْرَأْ روما ١٣:١، ٥-٧.
١٦، ١٧ (أ) مَا ٱلَّذِي يُثْبِتُ أَنَّنَا لَسْنَا ضِدَّ ٱلسُّلُطَاتِ؟ (ب) بِمَ يَعْتَرِفُ بَعْضُ ٱلْقَادَةِ ٱلسِّيَاسِيِّينَ؟
١٦ عِنْدَمَا يَتَصَرَّفُ شُهُودُ يَهْوَهَ ‹كَنُزَلَاءَ› فِي هذَا ٱلنِّظَامِ، لَا يَفْعَلُونَ ذلِكَ ٱحْتِجَاجًا عَلَى أَمْرٍ قَامَتْ بِهِ ٱلسُّلُطَاتُ أَوْ عَلَى آرَاءِ ٱلنَّاسِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلِٱجْتِمَاعِيَّةِ. بَلْ لِأَنَّهُمْ يُحْجِمُونَ عَنِ ٱلتَّدَخُّلِ فِي ٱلشُّؤُونِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ بِخِلَافِ ٱلْفِرَقِ ٱلدِّينِيَّةِ ٱلْأُخْرَى. فَهُمْ لَا يُحَاوِلُونَ بَتَاتًا أَنْ يُمْلُوا آرَاءَهُمْ عَلَى ٱلْقَادَةِ ٱلسِّيَاسِيِّينَ. وَلَا رَغْبَةَ لَدَيْهِمْ إِطْلَاقًا أَنْ يَتَمَرَّدُوا عَلَى ٱلْحُكُومَاتِ أَوْ يُحَرِّضُوا ٱلْآخَرِينَ عَلَى ٱلتَّمَرُّدِ.
١٧ بِٱلْأَحْرَى، إِنَّهُمْ يُعْرِبُونَ عَنِ ٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلْإِكْرَامِ لِلسُّلُطَاتِ، إِطَاعَةً لِمَشُورَةِ بُطْرُسَ أَنْ ‹يُكْرِمُوا ٱلْمَلِكَ›. (١ بط ٢:١٧) حَتَّى ٱلْمَسْؤُولُونَ ٱلْحُكُومِيُّونَ يَعْتَرِفُونَ أَنَّهُ مَا مِنْ سَبَبٍ وَجِيهٍ يَجْعَلُهُمْ يَخَافُونَ مِنَ ٱلشُّهُودِ. مَثَلًا، قَالَ شْتِيفَان رَايْكِه، وَزِيرٌ سَابِقٌ فِي وِلَايَةِ بْرَانْدِنْبُورْغَ ٱلْأَلْمَانِيَّةِ وَلَاحِقًا عُضْوٌ فِي ٱلْبَرْلَمَانِ ٱلْأَلْمَانِيِّ: «إِنَّ ٱلْفَضَائِلَ ٱلَّتِي أَعْرَبَ عَنْهَا شُهُودُ يَهْوَهَ فِي ٱلْمُعْتَقَلَاتِ وَٱلسُّجُونِ لَا غِنَى عَنْهَا ٱلْيَوْمَ — كَمَا بِٱلْأَمْسِ — لِٱسْتِمْرَارِيَّةِ دَوْلَةٍ دُسْتُورِيَّةٍ دِيمُوقْرَاطِيَّةٍ، وَخُصُوصًا ثَبَاتَهُمْ ضِدَّ وَحَدَاتِ ٱلْحِمَايَةِ ٱلْأَلْمَانِيَّةِ، وَكَذلِكَ ٱلتَّعَاطُفَ ٱلَّذِي أَظْهَرُوهُ لِرُفَقَائِهِمِ ٱلسُّجَنَاءِ. وَفَضَائِلُ كَهذِهِ بَاتَ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا كُلُّ مُوَاطِنٍ فِي بَلَدِنَا نَظَرًا لِٱزْدِيَادِ ٱلْوَحْشِيَّةِ تِجَاهَ ٱلْغُرَبَاءِ وَمَنْ لَدَيْهِمْ آرَاءٌ سِيَاسِيَّةٌ وَإِيدْيُولُوجِيَّةٌ مُغَايِرَةٌ».
اَلْإِعْرَابُ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ
١٨ (أ) لِمَ مِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ نُحِبَّ كَامِلَ مَعْشَرِ ٱلْإِخْوَةِ؟ (ب) مَاذَا لَاحَظَ بَعْضُ ٱلَّذِينَ هُمْ لَيْسُوا مِنَ ٱلشُّهُودِ؟
١٨ قَالَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ: «أَحِبُّوا كَامِلَ مَعْشَرِ ٱلْإِخْوَةِ، خَافُوا ٱللهَ». (١ بط ٢:١٧) فَشُهُودُ يَهْوَهَ يَخَافُونَ خَوْفًا سَلِيمًا مِنْ عَدَمِ إِرْضَاءِ ٱللهِ، مَا يَدْفَعُهُمْ إِلَى فِعْلِ مَشِيئَتِهِ وَخِدْمَتِهِ كَجُزْءٍ مِنْ مَعْشَرِ إِخْوَةٍ عَالَمِيٍّ. لِذَا، مِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ ‹يُحِبُّوا كَامِلَ مَعْشَرِ ٱلْإِخْوَةِ›. وَهذَا ٱلنَّوْعُ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّذِي قَلَّمَا نَجِدُهُ فِي مُجْتَمَعِنَا ٱلْأَنَانِيِّ يُفَاجِئُ مَنْ هُمْ لَيْسُوا مِنَ ٱلشُّهُودِ. مَثَلًا، ذَهِلَتْ مُرْشِدَةٌ سِيَاحِيَّةٌ تَعْمَلُ فِي وِكَالَةِ سَفَرٍ أَمِيرْكِيَّةٍ عِنْدَمَا رَأَتِ ٱلْمَوَدَّةَ وَٱلدَّعْمَ ٱللَّذَيْنِ أَظْهَرَهُمَا ٱلشُّهُودُ لِلْمَنْدُوبِينَ ٱلْأَجَانِبِ عَامَ ٢٠٠٩ خِلَالَ مَحْفِلٍ أُمَمِيٍّ فِي أَلْمَانِيَا. وَقَالَتْ إِنَّهَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا أَنْ شَاهَدَتْ أَمْرًا مَثِيلًا طَوَالَ سَنَوَاتِ عَمَلِهَا. وَلَاحِقًا، عَلَّقَ أَحَدُ ٱلشُّهُودِ قَائِلًا: «كَانَتْ تُعَبِّرُ عَمَّا رَأَتْهُ بِكُلِّ حَمَاسَةٍ وَدَهْشَةٍ». فَهَلْ سَمِعْتَ أَنْتَ أَيْضًا تَعَابِيرَ مُشَابِهَةً بَعْدَمَا حَضَرْتَ أَحَدَ ٱلْمَحَافِلِ؟
١٩ عَلَامَ نَحْنُ مُصَمِّمُونَ، وَلِمَاذَا؟
١٩ كَمَا رَأَيْنَا فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، يُبَرْهِنُ شُهُودُ يَهْوَهَ أَنَّهُمْ فِعْلًا «نُزَلَاءُ» فِي نِظَامِ ٱلشَّيْطَانِ هذَا. وَهُمْ مُصَمِّمُونَ بِكُلِّ فَرَحٍ عَلَى ٱلْبَقَاءِ كَذلِكَ. فَرَجَاؤُهُمْ رَاسِخٌ وَمَتِينٌ أَنَّهُمْ قَرِيبًا سَيُصْبِحُونَ مُقِيمِينَ دَائِمِينَ فِي عَالَمِ ٱللهِ ٱلْجَدِيدِ ٱلْبَارِّ. أَفَلَسْتَ تَتَطَلَّعُ بِشَوْقٍ إِلَى ذلِكَ؟